في الطفل مثلاً ، تجده في بيت جدّه في الحوش مثلاً يناقز ويطامر فرحاً ، يلعب مع الأولاد والبنات ، ويتحرش بهذا ، ويضرب هذي ، شيء طبيعي غالباً ما يحدث ، ولكن - في هذه الأيام - تخرج أمّه لتتفقّد الأوضاع من باب الاطمئنان على عملية السلام - مثلها مثل قندرة رايس* - لترى الجُرم العظيم الذي ارتكبه هذا الولد ! كيف تلعب حاااااافي ؟! ليش ما لبست الجوتي - أي الحذاء - ؟ جم مرة أقولك لا تلعب حافي ؟!! ، طبعا هذا التحكم بحرية الطفل ، وبعد اجباره على لبس الحذاء رغماً عنه تبدأ عملية التحلطم أو الحلطمة : "يعني أبي أفهم ؟ ليش تخليني ألبس الجوتي ؟ أنا شسويت ؟ ليش كله تضربني وتزفني ؟ يعني شنو بيصير لو لعبت حافي ؟ والله أمي تذبحني ؟ أنا أصلا ما أحبها .." الخ.
تأتي الزوجة إلى زوجها في اليوم الأول : فلان ترى صاحبتي عندها بعد أسبوع حفل استقبال وأبي أروح ، وماعندي شي ألبس ، أبي أروح السوق.
الزوج - لا شعورياً - : طيب خير .
اليوم الثاني ، الزوجة : طيب ، ترى أبي أروح السوق الفلاني ، وأبيك تعطيني 100 دينار على الأقل.
الزوج - لا شعورياً - : طيب أبشري.
اليوم الثالث وقبل الحفل بأيام ، الزوجة : ها شفيك متى بتعطيني الفلوس ؟
الزوج - شعورياً - : أي فلوس ؟
الزوجة : فلوس السوق !؟
الزوج : شحقة ؟
الزوجة بغضب : عشان حفل استقبال رفيجتي قايلت لك من قبل يومين !!!
الزوج : آها طيب طيب .. ويعطيها.
الزوجة هنا تبدأ الحلطمة : " يعني ليش ما يسمع ؟ ولا ينتبه ؟ أكلم الطوفة أنا ولا شلون !! شالحل مع هالزوج ؟ أبي أعرف ليش كل الرياييل ما يسمعون ولا يهتمون ؟ ليش يجيبون العلة حق قلوبنا ؟ لا المشكلة كله يلومون الحريم وهم المساكين ، صراحة ما ننلام إذا هذي تصرفاتهم وعمايلهم !! .." الخ .
ولد في الثانوية ، ضعيف ، قصير القامة ، يلبس نظارات ، ويجلس في الصف الأول ، ويدخّل قميصه داخل البنطلون ، يجيه ولد آخر طويل ، وبدين ، شعره كشّة ، من أصحاب الكراسي الخلفية ، ويشوف الأول جالس ينظف نظارته ، بكل برود يصكّه وحدة على قفاه ! طيب ليييييييييييش ؟ ، كيفي قفاك عاجبني ، وطاااااخ ثاني .. ويكمل طريقه ، ماذا يفعل الولد ؟ ما الحل الذي بيده سوا الحلطمة ؟ " ألعن .. الله يا... أبو... أم... يا .. يا .. يا .. يا رب تسقط وأفتك منك السنة الجاية " .. الخ .
فبدأت أستخلص أنّ الحلطمة شيء مثير ومهم في حياتنا ، والجميع يحتاجه ويمارسه ، إن لم يكن يومياً فهو شبه يومي ، أو على الأقل أسبوعيا لمن تخلو حياته من الأكشن والدراما .
لعله نوع من التنفيس النفسي نمارسه لنخفف الآلام عن أنفسنا ، لا أدري حقيقة ، بالإمكان وجود سبب آخر أو دافع آخر للحلطمة ، الله أعلم ، لكن لا يهمني ، بقدر ما يهمني أن تستمر الحلطمة ، فهي مهمة في حياتنا .
فلتحيا الحلطمة .. فلتحيا الحلطمة :)
كل الحب :)
(*) قندرة رايس : يعني كونداليزا رايس ، كان أحد دكاترتنا الفضلاء يُطلق عليها هذا الاسم ، وكلمة "قندرة" كناية عن القبح :).