
أيام الصغر كان الوالد يجبرنا على الذهاب إلى الحلاق الهندي القريب من المنزل وكان من حرصه علينا وحُسن تربيته لنا - أطال الله عمره على طاعته - يمنعنا من القصّات المستوردة ، وبالأساس كان الحلاق الهندي لا يعرف كيف يقصها ، والآن وكلٌ منا أصبح له حريته في الذهاب إلى ما يريد وما يشاء ، فإني أقصد حلاقَين ، أحدهم باكستاني عمله جيد ، والآخر تركي وعمله فاخر ، وحقيقة أني بدأت أستغل جلوسي على كرسي الحلاق للتعرف عليهم أكثر وعلى ثقافاتهم ، وإن كان الباكستاني لا يعرف غير التشكّي والتذمّر إلا أنك تتعرف على معاناتهم في الحياة .
أما الحلاق التركي فإني أستمتع معه ، أجلس دائماً على الكرسي ، ويأتيني راكان التركي << مسجل اسمه في موبايلي بهذا الاسم . حدَّثني عن تركيا وعن جمالها وروعتها ، حتى أنه شوقني لزيارتها فعلاً ، راكان من سكان مدينة "أنطاكيا" قريبة من الحدود السورية ، وهذا فسّر لي سبب ميل كلامه إلى اللهجة السورية ، وجميع من يعمل هناك هم من أهل أنطاكيا ، وحسب كلامه أنّ هذه المدينة خلابة رائعة ، ونصحني إذا أردت الاستجمام وترك الازعاج والصخب بأنْ أتوجه لها ، فقط للمناظر الطبيعية وراحة البال ، إذن لعلها تصلح للإخوة المهتمين بالتصوير ، وذكر لي وجود الكثير ممن يُتقن العربية في تلك المنطقة . تركيا بلد غني - حسب كلامه - لو كانت دولة نفطية ، فهذا ما يجبره على التغرّب والابتعاد عن أهله .
بادرته سائلاً هل صحيح أنّ البنزين باهض الثمن عندكم ؟ قال نعم هذا صحيح . فقلت : إنّ أحد أصحابي أخبرني أنه ملأ سيارة سوبربان الكبير وكانت فارغة بـ [ ... ] وسكتُّ ، قلت له : كم تتوقع ؟ فقال لي : لعله مبلغ 80 أو 85 ديناراً كويتياً ! قلت له : نعم فعلاً ملأها بـ 90 ديناراً كويتياً ! أي ما يقارب 1170 ريالاً سعودياً !! ، لم أخبره بالمبلغ بداية لأعرف إن كان يعرف الأسعار فعلاً ، وقد قارب تماماً من السعر ، يا للهول يا أحبة ، كيف يعيش الناس هناك ؟ فقال لي : أنّ أهل التكاسي فعلاً يتعبون من هذا الأمر . ونصحني ألا أؤجر سيارة أو أذهب بسيارتي للسياحة هناك والاعتماد على سيارات الأجرة أوفر بكثير .
سألته مرّة : كيف تعلمت الحلاقة ؟ هل درستها ؟ أم تعلمتها ومارستها ؟.
فقال لي : تعلمتها ، وأغلب من يعمل بهذه المهنة غالباً يضطر أن يعمل في صالونات النساء ، ليتعلّم أموراً لا يستطيع تعلمها في الصالونات الرجالية .
فنظرت إليه من طرف عيني ، فضحك وقال : الوضع "مسخرة" فعلاً هناك ، عليك تعلم الاستشوار ، والحف ، والتدليك ، ولا يسلم الوضع من التحرشات والمغازلات ، لذلك توجهت للعمل مع الرجال أريح لبالي وتفكيري .
الحديث مع الحلاقين جميل ورائع وممتع ، فيه نوع من التواصل الثقافي الجميل ، تحدثت مع راكان عن الرياضة ، عن الدين ، عن السياسة ، عن الزواج .. أمور كثيرة لا نريد التطوال في ذكر الأمثلة والتركيز على الفكرة العامة بالمقال.
ألم يستهويكم حديثهم ؟ ألا تريدون خوض التجربة الرائعة في هذا التواصل الجميل ، حدثوني عن تجاربكم ، أظنّ أنّ النساء أيضا لديهم هذا التواصل شاركونا وأمتعونا :).
كل المحبة لكم ،،
- - -
قمنا بعمل استفتاء في المدونة وهو : ما هو نوع الموبايل "الجوال" الذي تستخدمه ؟
صوت معنا 47 شخصاًً ، وكانت النتائج كالتالي :
33 صوتا للنوكيا بنسبة 70%
10 أصوات للسوني أريكسون بنسبة 21%
4 أصوات للبوكت بي سي بنسبة 8%
صوتان للموتورلا بنسبة 4%
ولا صوت لـ : إل جي ، سامسونج ، غيرها .
هل من مقتراحات للتصويت القادم ؟ شاركونا :)