الاثنين، أبريل ٢١، ٢٠٠٨

رسالة الخط والقلم لابن قتيبة


رسالة صغيرة جميلة لخطيب أهل والسنة والجماعة كما لقّبه بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية تحمل عنوان " رسالة الخط والقلم " ، كنتُ قد قرأتها عام 2006 واقتنصت بعض الفوائد والنكت منها وكتبتها في جهاز الكمبيوتر ، وعندما رأيت تاريخ هذا الملف كان 18/10/2006م ، فقلت من باب النفع والكتابة في نفس الوقت أن أفيدكم بهذه الرسالة .
الرسالة لغوية أدبية تتمحور عن الخط والقلم وما يجري في معانيهما والأدوات التي تستخدم للكتابة ، فتناول - على سبيل المثال - : القلم ، البَرْي ، الدواة ، الحبر ، المطّ ، القرطاس ، السحاة ، الطين ، الدّيوان ... الخ .
والرسالة قرأتها على موقع الورّاق ، لذلك من أحبّ قراءتها والاطلاع عليها بامكانه دخول الموقع وقراءتها .
وهنا بين أيديكم ما اقتنصته من الفوائد :

( القلم )

1- يُسمَى القلمُ الذي يُكتبُ به قلماً لأنَّه قُلِّمَ وقُطِعَ ومنه قَلَّمتُ أظفاري ومنه قِيلَ قُلامَةُ الظُّفرِ لما يُقطَع منه.

2- جمع القلم: أقلام وقِلام مثل جَبَل وجِبَال.

( البَرْيُ ووجوهه )

3- قال أبو عُبَيدَة: لا يُقَالُ للقلم (قلم) حتى يُبرى وإلاَّ فهو قصبةٌ. ولا يُقَالُ للرمح (رمح) إلاَّ وعليه سِنان وإلا فهو قناةٌ ، ولا يُقال للمائدة (مائدة) إلاَّ وعليها طعامٌ وإلاَّ فهي خِوانٌ ، ولا يُقالُ للكأس (كأس) إلاَّ وفيها شرابٌ وإلاَّ فهي زجاجةٌ ، ولا يُقالُ للسرير (أريكة) إلاَّ وعليها حَجَلَةٌ وإلاَّ فهي سريرٌ.

4- يُقال لما يسقطُ منه عندَ البَري (بُراية) على وزن فُعالة ، والفُعالة اسمٌ لكلِّ فَضلَةٍ تفضلُ من شيءٍ قليل أو كثير كالقُمامة والكُساحة والجُرامة: وهو اسم لمَا بقى من كَرَب النَّخْل.

5- يُقالُ: قَلَمٌ مُذنَبٌ إذا بُرِيَت لَه سِنٌّ غَلِيظَةٌ غير مشقوقة تُصلَحُ بها اللِّقية.

( الدَّواة )

6- ويُقالُ للذي يبيع الدَّويَّ: دَوَّاء كقولك: تَبَّان وشَعَّار وخيَّاط.
ويُقال للذي يحمل الدَّواة: داوٍ كما يُقال للذي يحملُ السَّيفَ: سائف، والذي يحملُ الرُّمحَ: رامح، والذي يحملُ التُّرسَ تَارِس.

( اللِّيِقة )

7- يُقالُ للصُّوفةِ والقُطنَةِ التي تكونُ في الدَّواة: لِيقة وتجمع أَليَاقَاً. وإنَّما سُمِّيَت: لِيقة؛ لأنَّها تَحبِسُ ما جُعِلَ فيها من السواد وتُمسكُهُ، مأخوذ من قولهم: "فلانٌ ما تَليقُ كَفُّهُ دِرهَمَاً" أي: ما تحبسه فتمسكه. وكفٌّ ما يليقُ بها درهمٌ أي: ما تحبس ولا تستمسك. قال الرَّاجزُ:
كفَّاكَ: كَفٌّ مَا تليقُ دِرهَماً ... جُواداً، وكَفٌّ تُعطِ بالسَّيفِ الدَّما

8- وروى أبو العبَّاس محمد بن يزيد المُبَرِّد قال: دخل الأصمعي على الرَّشيد بعدَ غَيبَةٍ غابها فقالَ: كيفَ حالك يا أَصمَعِيُّ؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين ما ألاقتني أرضٌ -أي ما حبستني- حتى خرجت عنها. فأمسكَ الرَّشيدُ. فلمَّا تفرَّق أهل المجلس قال له: ما معنى ألاقَتْني؟ قال: حبستني فقال الرَّشيد: لا تكلمني في مجلس العامَّة بما لا أعلمُ.

( المِداد )

9- يُقالُ هو المِدادُ وهي المِدادُ لأنَّه جَمعُ مِدادةٍ وكلُّ جمعٍ ليس بينه وبين واحِدهِ إلاَّ الهاء فإنَّه يُذكَّر ويؤنث مثل غمامة وغمام وحمامة وحمام وشجرة وشجر.

10- وكلُّ شيء يَزِيد في شيءٍ بنفسه فإنَّهُ يُقالُ فيه: مَدَّهُ يَمُدُّهُ. قال الله تعالى: (والبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ).فإن كانَ الشَّيءُ يزيد في الشَّيءِ بغيره فهو بالألف يُقالُ: أمددتُهُ بالرِّجالِ وبالمالِ. قال الله تعالى: (وأَمدَدنَاكُم بِأَموَالٍ وبَنِينَ).

12- فإذا قَطَرَ من رأسِ القلمِ شيءٌ من المِدادِ قِيلَ: رَعَفَ القَلمُ يرعُفُ وهو قلمٌ رَاعِفٌ ، فإذا أخذتَ مِدَادَاً فقَطَرَ قلتَ: أرعفتُ القلمَ إرعافاً وهو قلمٌ مُرعَفٌ.وتقولُ: استمدِد ولا تُرعِف أي لاتُكثِر المِدادَ حتى يقطرَ القلمُ.

( الحبر )

13- وقال الأصمعي: إنَّما سُمِّيَ حِبرَاً لتأثيره. يُقالُ: على أسنانه حبرٌ إذا كثرتْ صُفرتُها حتى تضرِبَ إلى السَّواد. والحِبرُ: الأَثرُ يبقى على الجلد من الضَّربِ. يُقالُ: قد أحبرَ جلده إذا بَقِيَ به أَثَرٌ بضربٍ وأنشد:
لقد أشمتَتْ بي أهلَ فَيْدٍ وغَادَرَتْ ... بكفِّيَ حِبراً بنتُ مَصَّانَ بَـادِيا
قال أبو العبَّاس: وأنا أحسبُ أنَّه سُمِّيَ بذلك لأن الكتبَ تُحَبَّرُ به أي تُحَسَّنُ.وقال الأُمَوي: إنَّما سُمِّيَ الحِبرُ حِبرَاً لأنَّ البليغَ إذا حَبَّرَ به ألفاظَهُ وأَتَمَّ بيانَهُ أحضرَ معانيَ الحِكَمِ آنَقَ من حَبَرات اليَمَن ومفوَّفات وَشيِ صَنعاء.

( الزخرفة )

14- وأنشد المُرَقِّشُ :
الدَّارُ وَحشٌ والرسومُ كمـا ... رَقَّشَ في ظَهرِ الأديِمِ قَلَم
وبهذا البيت سُمِّي المُرَقِّش.

( القرطاس )

15- تَقولُ العَرب: قِرْطاس وقُرْطاس وقَرْطاس ثلاث لغات وقِرْطَس وقَراطِس مثل: دِرهَم ودَراهِم.

16- وتقولُ: قد قَرطَسَنَا فلانٌ إذا أَتَى بقِرطَاس.

( السَّحَاة )

17- وأصلُ السَّحوِ: القََشْرُ ومنه يُقالُ: سَحَوتُ الطينَ عن رأسِ الدَّنِّ: إذا قَشَرتَهُ. ومنه سُمِّيَتِ المِسحَاةُ مِسحاةً لأنَّها تقشرُ الأرضَ.

( العنوان )

18- تَقولُ العربُ: هو عُنوانُ الكتابِ وعُنيانُهُ وقد مُعَنوَنٌ وعنَّنتُهُ تَعنيناً وهو كتابٌ مُعَنَّنٌ.

( القراءة )

19- قالَ أبو عُبَيدَةَ: تَقولُ: قد قرأ البعيرُ العَلَفَ إذا جمعه في شِدقِهِ.
ومنه قَولُهُم للحوضِ: مِقراة لأَنَّهُ يُجمَعُ فيه الماء.ومنه سُمِّيَتِ القُرَى لأَنَّهَا مجامِعُ النَّاسِ الَّذين يَنزِلُونَهَا.

( الديوان )

20- ديوان أصله دِوَّان. كذلك الدِّينار والقِيراط: دِنَّار وقِرَّاط فكرهوا التَّضعيفَ والكسرة فأبدلوا من المُضاعَف الأَوَّل الياءَ للكسرة فإذا زالتِ الكَسرَةُ واتصلَ أحد الحرفين من الآخر رجع التَّضعيف فقلتَ: دُنَينير وقُرَيرِيط ودُوَيوين.

21- قال الأصمعيُّ: والدِّيوانُ أَعجميٌّ في الأصل عَرَّبَتهُ العَرب وكانَ أصلهُ "أي ديوانه" وأوَّلُ مَن قالَ ذا كِسرى وكان أَمَرَ الكُتَّابَ أن يجتمعوا في داره ويعملوا حِسابَ السوادِ في ثلاثة أيَّام وأعجلهم في ذلك وأخذوا فيه فاطَّلع عليهم فرأى قوماً يَحسِبُونَ كأسرعِ ما يكون من الحساب ويكتبون فعجب من سرعة حركتهم فقالَ: "أي ديوانه" أي هؤلاء شياطين وسُمِّي موضعهم ديواناً فاستعملتِ العربُ هذا الاسم حتى جعلوا لكلِّ مُحَصلٍ مجموعٍ من شعرٍ أو كلامٍ أو حسابٍ ديواناً.
.
انتهى.
.
وآمل أنّنا استفدنا :).

الأربعاء، أبريل ٠٩، ٢٠٠٨

تحت مقص الحلاق

أيام العزوبية كنتُ أزور الحلاق كل أسبوعين مرة ولعلها تزيد من كثرة الإهمال وعدم الاكتراث ، المظهر مقبول لكن ترى آثار العزوبية عليه ، لكن الآن بما أنّ الحالة الاجتماعية التي أعيشها تحتّم علي الاهتمام أكثر وأكثر ، فصرت أزور الحلاق أسبوعياً مرة وأحياناً مرتان حسب الحاجة ، وباذن الله لا تكون مجرد موضة في فترة الملكة ونداوم على ذلك.

أيام الصغر كان الوالد يجبرنا على الذهاب إلى الحلاق الهندي القريب من المنزل وكان من حرصه علينا وحُسن تربيته لنا - أطال الله عمره على طاعته - يمنعنا من القصّات المستوردة ، وبالأساس كان الحلاق الهندي لا يعرف كيف يقصها ، والآن وكلٌ منا أصبح له حريته في الذهاب إلى ما يريد وما يشاء ، فإني أقصد حلاقَين ، أحدهم باكستاني عمله جيد ، والآخر تركي وعمله فاخر ، وحقيقة أني بدأت أستغل جلوسي على كرسي الحلاق للتعرف عليهم أكثر وعلى ثقافاتهم ، وإن كان الباكستاني لا يعرف غير التشكّي والتذمّر إلا أنك تتعرف على معاناتهم في الحياة .

أما الحلاق التركي فإني أستمتع معه ، أجلس دائماً على الكرسي ، ويأتيني راكان التركي << مسجل اسمه في موبايلي بهذا الاسم . حدَّثني عن تركيا وعن جمالها وروعتها ، حتى أنه شوقني لزيارتها فعلاً ، راكان من سكان مدينة "أنطاكيا" قريبة من الحدود السورية ، وهذا فسّر لي سبب ميل كلامه إلى اللهجة السورية ، وجميع من يعمل هناك هم من أهل أنطاكيا ، وحسب كلامه أنّ هذه المدينة خلابة رائعة ، ونصحني إذا أردت الاستجمام وترك الازعاج والصخب بأنْ أتوجه لها ، فقط للمناظر الطبيعية وراحة البال ، إذن لعلها تصلح للإخوة المهتمين بالتصوير ، وذكر لي وجود الكثير ممن يُتقن العربية في تلك المنطقة . تركيا بلد غني - حسب كلامه - لو كانت دولة نفطية ، فهذا ما يجبره على التغرّب والابتعاد عن أهله .
بادرته سائلاً هل صحيح أنّ البنزين باهض الثمن عندكم ؟ قال نعم هذا صحيح . فقلت : إنّ أحد أصحابي أخبرني أنه ملأ سيارة سوبربان الكبير وكانت فارغة بـ [ ... ] وسكتُّ ، قلت له : كم تتوقع ؟ فقال لي : لعله مبلغ 80 أو 85 ديناراً كويتياً ! قلت له : نعم فعلاً ملأها بـ 90 ديناراً كويتياً ! أي ما يقارب 1170 ريالاً سعودياً !! ، لم أخبره بالمبلغ بداية لأعرف إن كان يعرف الأسعار فعلاً ، وقد قارب تماماً من السعر ، يا للهول يا أحبة ، كيف يعيش الناس هناك ؟ فقال لي : أنّ أهل التكاسي فعلاً يتعبون من هذا الأمر . ونصحني ألا أؤجر سيارة أو أذهب بسيارتي للسياحة هناك والاعتماد على سيارات الأجرة أوفر بكثير .

سألته مرّة : كيف تعلمت الحلاقة ؟ هل درستها ؟ أم تعلمتها ومارستها ؟.
فقال لي : تعلمتها ، وأغلب من يعمل بهذه المهنة غالباً يضطر أن يعمل في صالونات النساء ، ليتعلّم أموراً لا يستطيع تعلمها في الصالونات الرجالية .
فنظرت إليه من طرف عيني ، فضحك وقال : الوضع "مسخرة" فعلاً هناك ، عليك تعلم الاستشوار ، والحف ، والتدليك ، ولا يسلم الوضع من التحرشات والمغازلات ، لذلك توجهت للعمل مع الرجال أريح لبالي وتفكيري .

الحديث مع الحلاقين جميل ورائع وممتع ، فيه نوع من التواصل الثقافي الجميل ، تحدثت مع راكان عن الرياضة ، عن الدين ، عن السياسة ، عن الزواج .. أمور كثيرة لا نريد التطوال في ذكر الأمثلة والتركيز على الفكرة العامة بالمقال.

ألم يستهويكم حديثهم ؟ ألا تريدون خوض التجربة الرائعة في هذا التواصل الجميل ، حدثوني عن تجاربكم ، أظنّ أنّ النساء أيضا لديهم هذا التواصل شاركونا وأمتعونا :).

كل المحبة لكم ،،

- - -

قمنا بعمل استفتاء في المدونة وهو : ما هو نوع الموبايل "الجوال" الذي تستخدمه ؟
صوت معنا 47 شخصاًً ، وكانت النتائج كالتالي :
33 صوتا للنوكيا بنسبة 70%
10 أصوات للسوني أريكسون بنسبة 21%
4 أصوات للبوكت بي سي بنسبة 8%
صوتان للموتورلا بنسبة 4%
ولا صوت لـ : إل جي ، سامسونج ، غيرها .

هل من مقتراحات للتصويت القادم ؟ شاركونا :)

الثلاثاء، أبريل ٠١، ٢٠٠٨

أدب سجن الزواج !



لكم أن تتخيلوا أن أعود للكتابة بعد فقدت لياقتي لمدة شهر كامل ، كم أنا متشوّق لها جداً ، وكم حدّثتني نفسي بالكتابة من خلف قضبان السجن الزوجي ، أتسائل دوماً كيف ستكون الكتابة ؟ كيف هي طعمها ورائحتها ولونها ؟ هل سيكون الاخراج مثل اخراج أدب السجون ؟ أم أنّ اخراج أدب سجن الزواج له طعمه الخاص ؟ ، ولأنني كنتُ مشغولاً أو شبه معقودٍ على يديّ لم تسنح لي الفرصة لتصفية الذهن جيداً للكتابة ، أحببت الكتابة فعلاً ولا أخالني أريد تركها ، لذلك ما إن سنحت لي الفرصة الآن فسأستغلها ، فالمدام مُقبِلة على فترة اختبارات << مساكين الطلبة ، لذلك لدي متسع من الوقت كي أرتب أوراقي ، وأفجّر ما لدي من أدب هذا السجن الجديد ، لعلنا نشعر بالفارق .
كيف أحوالكم معشر العزّاب ؟ لعمري أني أتذكر أيامكم ، وحياتكم ، فإني قريب عهد بمجتعكم ، بل أني فعلياً قريبٌ نوعاً ما من حياتكم ، فلم تحن ليلة العمر بعد ، وربنا يسهّل .
أتذكر كيف هي بداية الطفرة ! والثورة ! على الأهل .. معلناً بأعلى صوتك قائلاً لوالدتك وهي تقرأ الصحيفة : "أريــــد الـــزواج" !! وأنت لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرك ، فتعطيك الوالدة نصف نظرة من تحت نظارتها ، ثم تعيد القراءة ، طبعاً في هذه الحالة تحاول جذب الانتباه قدر المستطاع فتصرخ وتصيح وتتلوى ، وتتعلم بعض الحركات البهلوانية لتطبقها أمام والدتك لترحمَ ضعفك ، لكن دون جدوى ، تنسدح تتشقلب تتقافز ، وهي تنهي قراءة جريدتها لتذهب إلى المطبخ وكأن شيئاً لم يكن .
بعد ذلك تجرّب طريقة أخرى لعلها تفيدك ، فتبدأ تكلم والدتك عن الفتن التي تواجهك في خروجك من المنزل ، وأنّ الزمن هذا زمن الفتن والشهوات والفضائيات والنساء المتبرجات ، وأنت ضعيف النفس تخاف على نفسك أن تقع بالحرام ، فيرقّ قلبها لك ولعلها تضمك وتقول : "يحليله وليدي كبر ويبي يتزوج". تحاول بطرق أخرى ، تُسمعها لها نشيدة " انصر عبادك .. " لكن أيضا ما مِن مجيب وما مِن منقذ .
بعدها مرحلة أخرى تبدأ عند دخولك الجامعة ، السيارة معك ، وعليك مسئوليات أكثر ، وتحس أن مافيه أحد قدّك ، فتفكر مرة أخرى في موضوع الزواج لتعيد فتحه على الوالدة ، لكن هذه المرة بأسلوب أرقى وأهدأ ، وتوضّح لهم أنك رجل كبير بالغ عاقل ، بامكانك تحمّل المسئولية ، تروح تجلس عند الوالدة بكل سمت ووقار ، وقبلها تقول لها : "يمه ما عليج أمر بغيتج بكلمة راس" ، لكي تضفي للموضوع نوع من الجدية ، وأمك مسكينة تحط يدها على قلبها ، وتروح معك لغرفتك ، وتقولها الموضوع ، بعدين أمك تطالعك بصمت لمدة دقيقتين بعد ذلك تقولك : "ماعندي مانع ، لكن زهّب قروشك وانهي القضية" ، فإذا فيه خير ونعمة الأهل ماراح يقصرون معاك ، وإذا إنك مفلّس وماعندك شغل بس مترزز وانت حافي فتسكت وتحبس دمعتك لما أمّك تخرج ، أو أنك تبدا بأسلوب الهجوم مرة أخرى ، فتفقد السيطرة .
لعلك تمارس أسلوب "الزعلان المطنش" لكي تضغط عليهم ، وبعض المرات ينفع هذا الأسلوب في كسر قلب الأم لكنه وقت الجدية مالك إلا تكسر رقبة من أنواع التوهّق والبلشة ، أسلوب الزعلان المطنش ، أسلوب ضغط ، تزعل ما تكلم أحد بالبيت ، ومطنش بكل أهلك ، تطلع من الصبح للجامعة وما ترجع إلا وقت النوم ، أكلك خارج البيت ، وبعض المرات تجي مبكر وقت الغدا لكي تغير ملابسك أو تاخذ لك حمام سريع ، ويقولون لك : "تبي غدا" ، فتقول : "لا ماني مشتهي آكل" ، طبعاً تكون انت بالجامعة تارس كرشتك ، ولعل هذا الأسلوب ينتهي بالصدام مع السلطة العليا بالبيت وهو الوالد بأنه يجبرك على الجلوس ، لأنّ أمك متعبة أبوك من كثر الحلطمة والزعل ، أبوك يبي راحته وانت مخرّب عليه الجو ، لذلك سيجبرك على الرضوخ ! .
من وجهة نظري .. على الرجل أن يكبّر راسه ، ويعرف متى يتزوج ، ويكون واقعي ، وفي نفس الوقت لا يهمل الزواج من باب أريد أن أكوّن نفسي ، فالزواج فيه راحة نفسية فضلاً عن غيره من الفوائد كسد الفراغ العاطفي ، وتحصين النفس من المحرمات ، على الرجل أن يطلب من الله التوفيق والعون ، ولا ينسى أنّ الرزق على رب العالمين ، قال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ..} .
سعدنا بالعودة إليكم ، وهذا بداية عصر أدب سجن الزواج ، ولعل ما كتبناه فاتحة خير وبداية موفقة .
كل المحبة والود لكم :) .

الاثنين، فبراير ٢٥، ٢٠٠٨

فلتـحيـا الـحَـلـطَـمَة

الحلطمة ، مصطلح كويتي - أو لعلّه خليجي حيث لا فكرة لديّ إن كان الخليجيون يستخدمونه أم لا - يُطلق على عملية تمارسها جميع طبقات المجتمع غنيها وفقيرها ، صغيرها وكبيرها ، شريفها ووضيعها ، ذكرها وأنثاها ، وهذه العملية عبارة عن : حديث بين الشخص ونفسه ، سواء بصوت مسموع أو خافت أو سِرّي ، يدور حول التذمّر والتشكّي ! .

كيف ذلك ؟


في الطفل مثلاً ، تجده في بيت جدّه في الحوش مثلاً يناقز ويطامر فرحاً ، يلعب مع الأولاد والبنات ، ويتحرش بهذا ، ويضرب هذي ، شيء طبيعي غالباً ما يحدث ، ولكن - في هذه الأيام - تخرج أمّه لتتفقّد الأوضاع من باب الاطمئنان على عملية السلام - مثلها مثل قندرة رايس* - لترى الجُرم العظيم الذي ارتكبه هذا الولد ! كيف تلعب حاااااافي ؟! ليش ما لبست الجوتي - أي الحذاء - ؟ جم مرة أقولك لا تلعب حافي ؟!! ، طبعا هذا التحكم بحرية الطفل ، وبعد اجباره على لبس الحذاء رغماً عنه تبدأ عملية التحلطم أو الحلطمة : "يعني أبي أفهم ؟ ليش تخليني ألبس الجوتي ؟ أنا شسويت ؟ ليش كله تضربني وتزفني ؟ يعني شنو بيصير لو لعبت حافي ؟ والله أمي تذبحني ؟ أنا أصلا ما أحبها .." الخ.

تأتي الزوجة إلى زوجها في اليوم الأول : فلان ترى صاحبتي عندها بعد أسبوع حفل استقبال وأبي أروح ، وماعندي شي ألبس ، أبي أروح السوق.
الزوج - لا شعورياً - : طيب خير .
اليوم الثاني ، الزوجة : طيب ، ترى أبي أروح السوق الفلاني ، وأبيك تعطيني 100 دينار على الأقل.
الزوج - لا شعورياً - : طيب أبشري.

اليوم الثالث وقبل الحفل بأيام ، الزوجة : ها شفيك متى بتعطيني الفلوس ؟
الزوج - شعورياً - : أي فلوس ؟
الزوجة : فلوس السوق !؟
الزوج : شحقة ؟
الزوجة بغضب : عشان حفل استقبال رفيجتي قايلت لك من قبل يومين !!!
الزوج : آها طيب طيب .. ويعطيها.
الزوجة هنا تبدأ الحلطمة : " يعني ليش ما يسمع ؟ ولا ينتبه ؟ أكلم الطوفة أنا ولا شلون !! شالحل مع هالزوج ؟ أبي أعرف ليش كل الرياييل ما يسمعون ولا يهتمون ؟ ليش يجيبون العلة حق قلوبنا ؟ لا المشكلة كله يلومون الحريم وهم المساكين ، صراحة ما ننلام إذا هذي تصرفاتهم وعمايلهم !! .." الخ .


ولد في الثانوية ، ضعيف ، قصير القامة ، يلبس نظارات ، ويجلس في الصف الأول ، ويدخّل قميصه داخل البنطلون ، يجيه ولد آخر طويل ، وبدين ، شعره كشّة ، من أصحاب الكراسي الخلفية ، ويشوف الأول جالس ينظف نظارته ، بكل برود يصكّه وحدة على قفاه ! طيب ليييييييييييش ؟ ، كيفي قفاك عاجبني ، وطاااااخ ثاني .. ويكمل طريقه ، ماذا يفعل الولد ؟ ما الحل الذي بيده سوا الحلطمة ؟ " ألعن .. الله يا... أبو... أم... يا .. يا .. يا .. يا رب تسقط وأفتك منك السنة الجاية " .. الخ .

فبدأت أستخلص أنّ الحلطمة شيء مثير ومهم في حياتنا ، والجميع يحتاجه ويمارسه ، إن لم يكن يومياً فهو شبه يومي ، أو على الأقل أسبوعيا لمن تخلو حياته من الأكشن والدراما .

لعله نوع من التنفيس النفسي نمارسه لنخفف الآلام عن أنفسنا ، لا أدري حقيقة ، بالإمكان وجود سبب آخر أو دافع آخر للحلطمة ، الله أعلم ، لكن لا يهمني ، بقدر ما يهمني أن تستمر الحلطمة ، فهي مهمة في حياتنا .

فلتحيا الحلطمة .. فلتحيا الحلطمة :)


كل الحب :)

(*) قندرة رايس : يعني كونداليزا رايس ، كان أحد دكاترتنا الفضلاء يُطلق عليها هذا الاسم ، وكلمة "قندرة" كناية عن القبح :).

الثلاثاء، فبراير ١٩، ٢٠٠٨

ألا تغــار ؟ الجواب : لا


قال سعد بن عبادة سيد الأنصار رضي الله عنه : لو رأيتُ رجلاً مع إمرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني " . متفق عليه .

تأمّلت هذا الحديث من جهة تفاوت الناس في طبائعهم ، كيف أنّ الأنصار - وهم من هم - تعجبوا من شدة غيرة سعد ، إذ أنّ الموقف الذي فيه سعد يستدعي الشرع منه أن يحضر أربعة شهداء وألا يعالجه بالسيف ! ففي الروايات الأخرى للحديث أنّ سعداً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : أرأيتَ الرجل يرى مع امرأته رجلاً أيقتله ؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "لا " ، فقال سعد : بلى والذي أكرمك بالحق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً الأنصار : " اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيور ، وأنا أغير منه ، والله أغير مني " والرواية في مسلم .
تعجّب الأنصار من ردة فعل سيدهم سعد ، وتعجبوا من شدة غيرته أيضاً ، فطلب النبي ألا يتعجبوا ، بل هو أشدّ غيرة ، هي حادثة حدثت في عصر النبوة ، دلّت على أنّ الناس يتفاوتون في مشاعرهم في مبادئهم ، لذلك هذا ما يستوجب عليك عندما تنطلق في العالم الواسع ، وتواجه ألوان الناس ، بل حتى عند اختلاطك مع مجتمعات مصغرة في مجتمعك الكبير ستجد اختلاف الطبائع لديهم .


هل أخطأ الأنصار في عدم وصول غيرتهم إلى غيرة سيدهم سعد ؟
ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصل مستوى غيرتهم إلى هذا الحدّ ، لأنّ هذا الشيء يتفاوت .


ليس حديثي عن الغيرة ، إنما بشتى أنواع الطبائع والسلوكيات ، لنستوعب ونفهم أنها متفاوتة ، حتى إذا جلست مع غيرك لا تجبرهم على بغضك بما تحتقرهم به ، وكذلك لا يجب عليك أن تحتقر من ترى فيهم شدّة في الطبائع ، إذ المطلوب احترام هذا التفاوت والتعايش معه .

مثال آخر ، عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه بيتاً في الجنّة فسأل لمن هذا البيت فقيل له لعمر ، فهمّ أن يدخله لكنه امتنع بسبب تذكره لغيرة عمر ، فبكى عمر متعجباً كيف يظنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغار منه ، الغيرة فيها ارتفاع عند عمر فاحترم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشيء في عمر . والقصة في البخاري .
كذلك ، أسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير بن العوام عندما كانت تحمل النوى فلقيها النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يحملها ، فاستحيت أسماء وتذكرت غيرة الزبير أن تركب والرجال مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فتركها النبي صلى الله عليه وسلم لمّا رآها مستحية ، فاحترم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الطبع فيها وهذا الطبع في الزبير ، ولم يكن ليقدم النبي صلى الله عليه وسلم في عمل فيه اساءة ، حاشاه وكلا ، والقصة في البخاري .

ما أريد توضيحه أحبتي :) العالم واسع ، وفيه تختلف مشارب الناس ، ولنعلم التفاوت في طبائعهم ونفوسهم ، والإسلام جاء ليتماشى مع كل المجتمعات فيحترم ما يقبل المرونة ، ويهذب من يقبل التهذيب ، ويمنع ما هو مرفوض ، ويشجع على ما هو حسن وطيّب .


لكم لك المحبة،،